Asharq AL-awsat

تونس: ما بين الدعوة إلى الحوار وسياسات الإنكار

غرقت تونس في أزمةٍ دستوريّةٍ حادّةٍ بعد أن رفض رئيس الجمهوريّة التقيّد بالمتطلّبات الدّستوريّة وتعيين الوزراء الجدد الّذين اقترحهم رئيس الحكومة هشام المشيشي في ١٦ كانون الثّاني\يناير عام ٢٠٢١. وبعد مصادقة البرلمان عليهم في ١٦ كانون الثّاني\يناير عام ٢٠٢١، وجب على الرّئيس قبول أداء الوزراء الجدد اليمين ليتمكّنوا من استلام مهامّهم.

مع ذلك، أعرب الرئيس قيس سعيد في رسالةٍ وجّهها إلى رئيس الحكومة المشيشي في ١٥ شباط\فبراير ٢٠٢١ عن موقفه المبدئيّ الرّافض التحوير الحكومي. وأفاد بوضوحٍ أنّه نظرًا إلى اعتراضاته، لن تتمّ مراسم أداء الوزراء الجدد اليمين الدستوريّة. وفي مواجهة هذا الجمود غير المسبوق، لم يملك رئيس الحكومة أيّ خيارٍ سوى تعيين وزراء بالنيابة للحقائب الوزاريّة الإحدى عشر الشاغرة إلى حين التوصّل إلى حلٍّ سياسيٍّ.

في الواقع، كان النزاع الحاليّ ما بين رأسَي السلطة التنفيذيّة أي رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة قائمًا لمدّةٍ تقارب ثلاثة أشهر. ظهرت مؤشّرات النزاع الأولى بعد فترةٍ وجيزةٍ من تشكيل رئيس الحكومة المشيشي حكومته الأولى في ٢ أيلول\سبتمبر ٢٠٢٠، إذ اتّضح أنّه تحتّم عليه القبول بوزراء "فرضتهم" رئاسة الجمهوريّة عليه فرضًا عند نهاية الأجل النهائي لتشكيل الحكومة المنصوص عليه في الدستور، بما فيهم وزيرا الدّاخليّة والثقافة. ينصّ الدّستور التّونسي على أنّ رئيس الحكومة يتمتّع بحرّيّة اختيار وزراء حكومته وتشكيلها وإنهاء مهامهم ما عدا وزيرا الخارجيّة والدفاع الّذين يعيّنهما باستشارة رئيس الجمهوريّة.

أعرب علنًا رئيس الجمهوريّة التونسيّ الذي اختار المشيشي من بين معاونيه الأقرب إليه والأوفى له في عددٍ من المناسبات عن غضبه تجاه البرلمان ورئيس الوزراء على السّواء. وأفاد في رسالةٍ تاريخها ١٥ شباط\فبراير ٢٠٢١ عن مزاعم بالفساد مبرّرًا بها رفضه التحوير الحكومي الجديد.

وفي حين لا يزال النزاع قائمًا على كيفيّة تأويل الدستور وتطبيقه، إنّ غياب المحكمة الدستوريّة التي من شأنها حلّ هذا النزاع الدّستوري السّياسي لم يساعد على كسر هذا الجمود.

في الوقت الحاضر، ثمّة خصامٌ حادٌّ ما بين السّلطات الثلاثة، لدرجةٍ أنّ فصل السّلطات اليوم في تونس بات أشبه بالطلاق.

خلفيّة الأزمة

بدأت الأزمة السّياسيّة الحاليّة مع الانتخابات النيابيّة عام ٢٠١٩ التي أدّت إلى تجزئةٍ في المشهد الحزبي. منذ البداية، كان من الصعب على أيّ رئيس حكومة حصد الأغلبيّة بالأخصّ إن لم يملك المرشّح المقترَح أيّ قاعدة سياسيّة.

وبات البرلمان أشبه بساحة معركة غدت فيها إدارة الأعمال اليوميّة شبه مستحيلة. وباتت اليوم المشاجرات بين نوّاب الأحزاب بما فيها الحزب الدستوري الحرّ والتيّار وحركة الشعب وتحالف الكرامة جزءًا من "الديكور" البرلماني، في حين أنّ حزبي النهضة وقلب تونس يتمنّيان أن يُسَيطِرا على المشهد السياسي هذا من خلال تقديم "حزام سياسي" إلى الحكومة.

وسرعان ما صارت السلطة التشريعيّة رمزًا للجمود والشّلل السياسيّين على الرغم من أنّها الركن الأساسي للنظام السياسي بحسب دستور ٢٧ كانون الثاني\يناير ٢٠١٤.

أدّى النشاط الدبلوماسي لرئيس مجلس نوّاب الشعب إلى تفاقم علاقته بالرئيس تفاقمًا جزئيًّا. وتزايدت بالتّالي الدّعوات إلى حلّ البرلمان، على الرّغم من أنّ هذا السيناريو يبقى، من وجهة نظرٍ دستوريّةٍ، تفكيرًا رغبيًّا لأنّ الخيارات المتاحة أمام الرئيس الجمهوري لحلّ البرلمان تقتصر على حالتين فقط: ١) الفشل في تشكيل الحكومة في غضون أربعة أشهر من تاريخ أوّل تكليف لرئيس الحكومة، أو ٢) بعد طلب الرئيس الدعوة إلى التصويت على الثقة لاستمرار الحكومة.

بات عدم الاستقرار الحكومي مزمنًا في بلدٍ أدّت فيه الأزمة الصحّيّة إلى عددٍ كبيرٍ من الأضرار الاجتماعيّة والاقتصاديّة. في سنةٍ واحدةٍ، شهدت تونس على ثلاث حكوماتٍ لم تتمكّن إحداها، أي حكومة الحبيب الجملي، من حتّى كسب ثقة البرلمان على الرغم من أنّ حزب النهضة الإسلامي قد اقترحها، علمًا أنّ هذا الحزب حائزٌ على الأغلبيّة في مجلس نوّاب الشعب. وقد أدّى قرار تكليف خليفته السيد إلياس الفخفاخ إلى فتح آفاقٍ لعلاقة ذات شكلٍ جديدٍ ما بين رئيس الجمهوريّة والأحزاب السّياسيّة وبذلك الحكومة.

يستطيع المرء أن يقول إنّ شكلًا من أشكال التمسّك بالشكليّات طاغٍ، ما يبيّن انعدام ثقة الرئيس بالمنظومة الحزبيّة بسبب حكمها البلد حوكمةً ضعيفةً في خلال العقد الفائت. بلغ هذا النوع من المقاطعة الدستوريّة ذروته في الأسابيع الأخيرة مع المواجهة السياسيّة الدستوريّة المفتوحة ما بين رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة من جهة، والمواجهة ما بين الأغلبيّة البرلمانيّة ورئيس الجمهوريّة حول إقامة المحكمة الدستوريّة من جهةٍ أخرى.

أخيرًا وأكيدًا ليس آخرًا في إطار هذه المواجهة، مارس الرئيس حق الفيتو رافضًا التصديق على تعديل القانون الذي ينصّ على انتخاب البرلمان ثلاثة قضاة دستوريّين متبقّين وأعاد اقتراح القانون إلى مجلس نواب الشعب لقراءة ثانية.

باختصارٍ، يرفض رئيس الجمهوريّة الجلوس مع الأحزاب والأشخاص الذين يعتبرهم فاسدين، ومهيمنين، ومعارضين لمبادئ ثورة عام ٢٠١١ لكنّه يمتنع عن ذكرهم بالاسم. في الواقع، غاب الحوار ما بين سلطات الدولة واقتصر تواصلها على الرسائل، ما يصبّ في أغلب الأحيان الزّيت على النّار عوضًا عن التخفيف من حدّة التوتّر. وتجدر الإشارة إلى أنّ الرسالة الأخيرة التي أرسلها رئيس الجمهوريّة بتاريخ 3 نيسان\أبريل ٢٠٢١ إلى رئيس مجلس النواب والتي قدّم فيها حججًا سياسيّةً ودستوريّةً تعلّل رفضه المصادقة على مشروع قانون المحكمة الدستوريّة لا تظهر أيّ مؤشّرٍ على كسر الجمود السّياسي في تونس.

حاجةٌ ماسّةٌ إلى الحوار الوطني

يتساءل الخبراء والإعلام حول استراتيجيّة رئيس الجمهوريّة وأهدافه السياسيّة، إذ يتعمّد تنبيه الفاعلين السّياسيين على أفعالهم وأعمالهم من خلال الضغط على البون بين الشارع والأحزاب السياسية. وبتلك الطريقة، لا يساعد الرّئيس الحكومة على تطبيق مشاريعها ومبادراتها الإصلاحيّة. وفي رسالته إلى رئيس الحكومة في شباط\فبراير، لا يشير إلى أنّ الانتقال الديمقراطي بات "وهمًا" فحسب، بل يؤكّد أيضًا أنّ: في الحقيقة، ما هو إلّا "انتقالٌ من الحزب الواحد إلى مجموعة فاسدة واحدةٍ".

ونتيجةً لذلك، باتت مؤسّسات الحكم، بما فيها الإدارة وأصحاب السلطة غير قادرةٍ على تصوّر سيناريو تتعايش فيه الأطراف السّياسيّة الفاعلة كافّةً. يبدو بالتّالي صعب المنال توقّع انفتاحهم على التغيّرات الجذريّة في القيادة ووضع نظامٍ سياسيٍّ جديدٍ، والاتفاق على التّغييرات الدّستوريّة اللّازمة لوضع الأمور على مسارها الصحيح.

تعطّل المشاحنات السياسيّة الدّعوات إلى الحوار الوطني الّذي دعا إليه عددٌ من القادة السياسيّين والمنظّمات الوطنيّة بهدف حلّ أزمةٍ سياسيّةٍ واقتصاديّةٍ واجتماعيّةٍ حادّةٍ. في ٣٠ تشرين الثاني\نوفمبر ٢٠٢٠، قدّم الاتّحاد العام التّونسي للشّغل مبادرةً إلى رئيس الجمهوريّة تقضي بإجراء حوارٍ وطنيٍّ يشمل الإصلاحات السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة اللّازمة. لكن لا يزال هناك خلاف مع الرّئيس حول طرائق الحوار وأطرافه، ممّا يفسّر عدم استعداده لإجراء هكذا حوار، حتّى وإن يمثّل الحوار السبيل الوحيد للخروج من العاصفة.

إذا لن يتمّ التوصّل في المستقبل القريب إلى حلٍّ للصراع على السلطة النّابع من خلاف أوسع مع الرئاسة حول شكل النظام السّياسي وتوزيع السّلطات ما بين فروعها المختلفة (الرئاسة والحكومة والبرلمان) وذلك من خلال حوار صريح ما بين صانعي القرار السّياسي الأكثر نفوذاً في البلد، سيؤدّي ذلك على الأرجح إلى تصعيد عنيفٍ وانهيار سلم اجتماعية هِشّة إلى حدٍّ ما. ومع الوضع الصّحي الناتج عن فيروس كوفيد-١٩، بلغ شعور العامّة ذروته وتحوّل إلى خوفٍ وانعدام الثقة في قدرة السّياسيين على التغلّب على غرورهم والاعتراف بفشلهم اعترافًا صادقًا.

الآن، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، ينبغي على أصحاب السّلطة الاجتماع والموافقة على تنازلات لإخراج البلد من الرّكود الحالي، إذ يهدّد الجمود المستمرّ النظام الاجتماعيّ بأكمله. فيجب على السياسيّين الاتّفاق على قواعد اللعبة السياسيّة والاقتصاديّة للأعوام الثلاثة القادمة والالتزام بالترتيبات المؤسّسيّة الجديدة.

باختصارٍ، الناس في انتظار "قيامةٍ دستوريّةٍ" حقيقيّةٍ.

رسميًّا، يجب أن يؤدّي ذلك إلى إبرام تسويةٍ سياسيّةٍ بين أصحاب السّلطة تحدَّد فيها فترةٌ انتقاليّةٌ جديدةٌ تقود إلى الانتخابات العامّة المقبلة في العام ٢٠٢٤.

على التسوية السّياسيّة الجديدة أن تعالج المشاكل الحقيقيّة

يجب أن توفّر تسويةٌ سياسيّة جديدةٌ ترتيباتٍ دستوريّةً بديلةً في إطار موازين القوى ما بين الركائز الأساسيّة للنظام الذي يجب أن يختلف عمّا سبقه من أنظمةٍ. إضافةً إلى ذلك، يجب أن يُعدَّل القانون الانتخابي قبل حلول العام ٢٠٢٤.

بغضّ النظر عن كيفيّة تعديل النظام السياسيّ، يبقى الأهمّ معالجة الصدع الحزبي وإظهار التزامٍ عميقٍ بالتوجّه نحو نظامٍ سياسيٍّ جديدٍ من شأنه أن يعزّز العمليّة الديمقراطيّة في تونس. وسيستلزم ذلك اتّفاقاتٍ حول كيفيّة هيكلة قضايا سياسيّةً رئيسةً، تتضمّن تعريفاتٍ واضحةً وتبيّن حدود توزيع السّلطات في السّلطة التنفيذيّة وكيفيّة تعاون السلطات مع بعضها البعض، ما يرسم الخطوط الفاصلة ما بين الحكومة والبرلمان حتى لا تصير الحكومة، كما هو الحال اليوم، رهينة تغيّر التحالفات السّياسية، وما يساهم في إيجاد حلول للمسألة العالقة المتعلّقة بإقامة المحكمة الدستوريّة، فضلاً عن ترشيد سلطات الرقابة.

في غضون ذلك، يجب على كلّ المنخرطين في الحوار الاتّفاق على إجراءٍ يدمج الإجراءات السياسيّة الجديدة بالدستور، سواء أُقيمَت المحكمة الدستوريّة أم لا. ويمكن أن يتمّ ذلك عبر استفتاءٍ.

بعد عشر سنواتٍ من انتقالٍ ديمقراطي متعثّر، آن الأوان لإدراك وقبول أنّ النظام الحكومي الحالي فشل في القيام بمهامه. وبات عاجلًا تعديل النظام تعديلًا كاملًا بهدف التوصّل إلى حكومةٍ عاملةٍ ومتماسكةٍ مصمّمة لتعكس حاجات الشعب وتوقّعاتهم لا لتستنزف موارد الدولة الإنسانيّة وأصولها المستمرّة بالتدنّي.

ثانيًا، بات من الضروري الاعتراف بأنّ الطبقة السياسيّة بكاملها التي تعاقبت وتبادلت مسؤوليّات السلطة فشلت فشلًا ذريعًا على كلّ الأصعدة. فبلغ انعدام الثّقة في القيادة السياسيّة مستوياتٍ غير مسبوقة. وإن كان الاستقطاب اليوم أقوى من أيّ وقتٍ مضى، فلا يعود ذلك إلى أنّه استقطابٌ ما بين الإيديولوجيا أي الدين والأشكال الشعبويّة الراسخة فحسب، بل أيضًا إلى أنّ الحقيقة السياسيّة السائدة في البلد باتت أكثر فأكثر تعقيدًا وتجزئةً. أضافت الخطابات بـالـ"هم" والـ"ـنحن" طبقةً إضافيّة على الخطاب السياسي الرسمي حيث تُحدّد فيه الصلات الاجتماعيّة والاقتصاديّة بالسياسة ونظام الحكومة بطريقة تفصل وتبعّد بدلًا من أن توحّد.

كشف الجمود الدستوري الحالي عن حالة الإنكار السّياسي الذي تعيشه النخبة السياسيّة. فتشوّهت العمليّة السياسيّة في تونس بمشاعر العجز ورؤية معظم الطبقة السياسيّة على أنّها مثالٌ عن اللاأخلاقيّة، فضلًا عن الحركات السياسيّة المحافظة القائمة على الدين، والغضب من استمرار الظلم الاجتماعي. فيسهل على من لا يؤمن بالديمقراطيّة استغلال هذه المشاعر.

في تونس أزمة شرعيّة حقيقيّة تخفي بين طيّاتها معضلةً أخرى. فمن جهةٍ، لا يزال صانعو السياسات في نظام ما بعد العام ٢٠١١ غير قادرين على تقبّل بعضهم البعض والتكاتف لمصلحة البلد. وغالبًا ما يتفوّق الاعتماد على التوافق والبحث عن تكييف القرارات على المصلحة العامّة ودور المؤسّسات.

ومن جهةٍ أخرى، ثمّة جيلٌ من ابان ما بعد الثورة متزايد العدد، تتراوح أعمارهم ما بين ١٨ و٢٥ عامًا، لا يجدون من يمثّلهم في الأزمة الحاليّة، لكن يتقنون ما يفتقر إليه معظم السياسيين، أي القدرة على الحوار والاتفاق حول خلاف معين وعلى فرصة بناء بلدٍ أفضل. ويعارض هذا الجيل الناشئ نظام ما بعد ٢٠١١ السّياسي وهو مستعدٌّ لبناء نظامٍ اجتماعيٍّ واقتصاديٍّ بديلٍ. عاجلاً أم آجلاً، سيتخلّصون من أعباء النظام إذا ما مُنحوا دورًا في التسويات السياسيّة المستقبليّة.

وبالتالي، تقع على عاتق أصحاب السّلطة في المؤسسات السّياسيّة والاجتماعيّة مسؤوليّة الاجتماع مع هذا الجيل المتنامي، والإصغاء إليه، والاتفاق على نظام حكم أكثر شمولاً وتماسكًا.

بعد مرور عقدٍ على الثورة التونسيّة، لا يزال الناس يناضلون من أجل التغيير ويسعون إلى الحصول على حياةٍ أفضل. في الواقع، تبدو تونس أشبه بدولةٍ في حالة ما بعد الصراع، حيث تتمثّل الطريقة الوحيدة للعودة إلى الوضع الطبيعي في إبرام اتّفاقٍ سياسيٍّ شاملٍ يقترح مقاربةً سياسيّةً لتقاسم السّلطة الاقتصادية ينبغي أن تمنح منه المناطق فرصةً للنمو مع بناء عمليّاتٍ سياسيّةٍ طويلة الأمد.

إنّ الأراء الواردة في مدوّنة نقاشات في الدستور تعبّر عن رأي كاتبها، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر المنظمة العربية للقانون الدستوري أو منظمة كونراد أديناور أو أي مساهم آخر في المدوّنة.

التعليقات

 

اترك تعليقاً

سيتم مراجعة تعليقك من قبل المحرر. لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

.لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني

.سيتم مراجعة تعليقك من قبل المحرر